![]() |
| صورة تعبيرية عن الغياب دون وداع |
خاطرة: ها أنا أعود
ها أنا أعود...
ها أنا الآن، أعودُ وحيدةً من جديد،
أعودُ إلى أيام البكاء،
إلى زمنٍ لم أكن فيه أعرفُ معنى للهناء.
أعودُ بدمعٍ صاخب،
وقلبٍ كان قد مات.
لكن، دعني أُذكّرك:
برحيلك، لن تتوقف الحياة.
سأمحوك من حياتي،
سأمحو تلك الذكريات،
سأتعلم كيف أعيش،
وسأعود إلى أيام الصبا.
سأتخذ من الوحدة صديقًا،
ومن الحزن مسكنًا مؤقتًا،
وسأقول وداعًا لأيامك ولياليك الباهتة.
فما تركتَ خلفك:
قلبًا امتلأ بالحقد،
نفسًا ينهشها الغضب،
وعينًا لا تجفّ من الدموع.
فسُحقًا لك... ولسواد أفعالك.
الغياب دون وداع: جرح لا يُغلق
في البداية، يبدو الأمر كعودةٍ إلى نقطة الصفر، إلى أيام البكاء والصمت الطويل، إلى لحظات الانكسار التي تجرّ خلفها شعورًا بالعجز. لكن بعد ذلك يولد وعي جديد، وعي يُدرك أن الغياب دون وداع ليس نهاية الحياة، بل لحظة فارقة تفرض علينا النضج والتصالح مع واقع لا نستطيع تغييره.
لماذا يؤلمنا الغياب المفاجئ؟
لماذا؟ كيف؟ متى؟
ذلك التساؤل هو وقود الحزن الطويل. والمشكلة لا تكمن فقط في الفقد الصامت، بل في الطريقة التي يحدث بها: التجاهل، الانسحاب، التلاشي دون أثر.
الغياب لا يوقف الحياة... لكنه يغيّرنا
لكن تأثير الرحيل المفاجئ فينا يجعلنا، ننتظر الغائب "بلا وعي" أن يمدّ يده إلينا، أن يعود ليُنقذنا من الدوامة التي تركنا فيها. لكن الحقيقة الصادمة أن المخلّص الوحيد في تلك اللحظة... هو أنت. وحدك من يجب أن يتغلب عن ألم الغياب. وحدك من يحمل نفسه من أرض الانكسار.
الغضب ليس نهاية.. بل بداية شفاء
الذين يرحلون دون وداع يتركون براكين من الغضب ورائهم، في نفس الطرف الآخر، والغضب بما يحمله من كلمات قاسية وصراخ داخلي، ليس إلا محطة عابرة في طريق التعافي. هو تفريغ للألم، شكل من أشكال المقاومة النفسية. وعندما يهدأ الغضب، نبدأ نرى الصورة بوضوح أكبر. وندرك المغزى من رحيل الأحبة، ونكون قد تعلمنا كيف نحمله دون أن ينزفنا كل مرة.
التعبير بصمت: مهرب مؤقت أم انعزال خطير؟
الوداع المؤجل أقسى من الغياب
لكن القوة الحقيقية لا تكمن في تمسكك بمن رحل، ولا في مغادرتك قبل أن تُجرح. القوة تكمن في تمسكك بكلتا يديك بمن يستحق أن يبقى، وفي قدرتك على أن تلوّح بكلتا يديك لمن يريد المغادرة، وأن تكتب بنفس اليد عمّا حدث... لا لتستعيده، بل لتفهمه، وتتجاوزه.
نهاية البداية: احتضان الحياة
الحياة لا تنتظر أحدًا. وإن كانت الجراح جزءًا من الرحلة، فإن الشفاء أيضًا خيار تملكه.
الاحتضان الكامل للحياة، رغم الألم، هو أعظم إعلان للنجاة.
وهكذا، يبقى الغياب دون وداع ندبة في الذاكرة، لا تُمحى بسهولة، لكنه لا يملك أن يُطفئ نور أرواحنا ما لم نسمح له بذلك. في النهاية، القوة لا تعني أن نتجاهل الألم، بل أن نرتّب الحطام ونبدأ من جديد، رغم أنين القلب. لأن الذين يرحلون دون وداع غيابهم قد يُوجِع، لكنه لا يمنعنا من المضي قدمًا. فالحياة، رغم خساراتها، لا تزال تستحق أن نحتضنها بكل ما أوتينا من شجاعة وحنين.

تعليقات
إرسال تعليق
نحن نؤمن أن كل قارئٍ يحمل بداخله سؤالًا ينتظر الإجابة، وفضولًا يستحق الإشباع، وروحًا تستحق الرفق، ونحن هنا لننصت، نفهم، ونشارك، فلا تبخل علينا بصوتك.