بطلات منسيات خططن بجهدهن وعلمهن وعزيمتهن مسارات حضارات، فأنارت أسماؤهن طريق التقدّم، ثم طُويت كأنها لم تكن.
في هذا المقال، نفتح صفحات منسية من الذاكرة البشرية، ونمنح الضوء لمن حُرمن من موضعهن المستحق، لأبرز النساء اللواتي غيرن مجرى التاريخ ولكن نسيت أسماؤهن.
نساء صنعن التاريخ... لكن التاريخ لم يصنع لهن مكانًا
المرأة لم تكن ظلًا على هامش التاريخ، بل كانت جوهرًا في صلبه: تُعلّم، تبتكر، تُقاوم، وتقود.
ورغم ذلك، بقيت كثير من النساء الاستثنائيات في الظل، لأن التاريخ الرسمي لم يمنح البطولة إلا لمن نُطقت أسماؤهم بصيغة المذكر، وهذه مجموعة أسماء لنساء مغمورات رغم إنجازاتهن:
نساء رائدات في العلم والتكنولوجيا
-
روزاليند فرانكلين (Rosalind franklin): عالمة فيزياء بريطانية، وخبيرة بالتصوير الإشعاعي، هي من التقطت الصورة التي كشفت بنية الحمض النووي، ثم غابت عن المشهد عندما حُصدت جوائز نوبل.
-
غريس هوبر(Grace hopper): لقبت بأم الكومبيوتر، حيث منحت غريس منحت الحواسيب القدرة على فهمنا، حين ابتكرت أول مترجم برمجي.
-
هيدي لامار (Hedy lamarr): ممثلة هوليوودية اخترعت تقنيةً أصبحت أساسًا للواي فاي والبلوتوث.
-
أدا لوفلايس(Ada lovelace): عالمة رياضيات أنجليزية، وهي أول من كتب خوارزمية حاسوبية في التاريخ، في زمن لم يكن الحاسوب قد وُجد بعد.
![]() |
| أدا لوفلايس من النساء اللواتي غيرن مجرى التاريخ |
نساء في السياسة والمقاومة
-
أندريه دي يونغ: أنقذت أرواح طيارين من فك النازية، بخرائط خفية وخطوط هروب جريئة.
-
صوفي شول: طالبة واجهت هتلر بالمنشورات، ودُفنت وهي ترفع رأسها.
-
إميلين بانكهورست: ناشطة سياسية بريطانية مزقت قانون الصمت، وافتتحت عصر تصويت النساء.
نساء في الفلسفة والأدب
-
هيباتيا السكندرية: فيلسوفة تخصصت في الفلسفة الافلاطونية الحديثة، فكرها لا يزال حيًا، ولكن إسمها مختفي.
-
سيمون دي بوفوار: أزاحت الغبار عن مفهوم "الأنوثة"، وكتبت أن "المرأة تُصنع، ولا تُولد كذلك".
نساء حملن مشعل الحقوق والإنسانية
-
ليز مايتنر: النمساوية التي فتحت باب الانشطار النووي... وخرجت منه دون جائزة.
-
دوروثي هايت: قلب نابض في مسيرة الحقوق المدنية الأمريكية، حُرمت من الميكروفون ولم تحرم من التأثير.
-
هارييت توبمان: قادت غارة نهر كومباهي التي أدت لتحرير 700 من العبيد.
-
جين آدامز: من أوائل من جعلوا العدالة الاجتماعية وظيفة لا هواية.
عربيات صنعن المجد... وغابت أسماؤهن
من قال إن العربيات كنّ مجرد نساء في الهامش؟
بل كنّ في مقدمة الصفوف، يبنين الممالك، ويؤسسن الجامعات، ويدونّ الحكمة والعلم، من قصص نساء عربيات رائدات نذكر:
قائدات ومؤسِسات:
-
زنوبيا: التي واجهت روما، وحكمت مصر لفترة قصيرة.
-
زينب النفزاوية: المرأة التونسية التي حكمت من خلف الستار، ووجّهت سياسة دولة بأكملها.
عالمات وفقيهات:
-
أم الدرداء الصغرى: معلمة الخلفاء، في المسجد لا في الخفاء.
-
فاطمة السمرقندي: فقيهة كانت تصحح لزوجها العالم، في زمنٍ لم يكن يُسمع فيه إلا لصوت الرجل.
طبيبات ومؤسسات:
-
فاطمة الفهرية: التونسية التي بنت جامع القرويين، فصار جامعة.
-
رفيدة الأسلمية: ممرضة في زمن الحرب، ومؤسسة "العيادة المتنقلة".
نساء في خندق النضال العربي
-
هدى شعراوي: ناشطة مصرية حررت العقل قبل أن تُطالب بتحرر الجسد.
-
جميلة بوحيرد: مقاومة جزائرية من زنزانة إلى أسطورة، ومن عذاب إلى نشيد.
مفكرات وكاتبات
-
لبنى القرطبية: الكاتبة الأندلسية التي كانت حارسة الكلمة.
-
آسيا جبار: الكاتبة الجزائرية التي أعادت كتابة التاريخ بعيون النساء.
نساء في ظلال التاريخ الإسلامي
لم يكن التاريخ الإسلامي رجالًا فقط، بل كذلك نساء في الإسلام كنّ قدوات وغيرن مجرى التاريخ الإسلامي من بينهن:
-
خولة بنت الأزور: فارسة يعلو صهيلها في اليرموك.
-
عائشة بنت أبي بكر: راوية الحديث، ومُفسّرة النصوص، في مجلسها تعلّم الرجال.
-
زينب الغزالي: صامدة رغم الاعتقال، مؤسسة لجمعية رائدة في تمكين النساء.
-
أسماء بنت مروان: الشاعرة التي استخدمت السخرية سلاحًا سياسيًا.
-
السيدة نفيسة: منارات التقوى والعلم، أضاءت القاهرة بروحها وعلمها.
لماذا غُيّبت هذه الأسماء من الذاكرة؟
1. هيمنة النظام الأبوي: الرجال هيمنوا على مؤسسات التوثيق والسلطة.
2. تاريخ يكتبه الذكور: الرواية الرسمية لم تتسع لإنجازات النساء.
3. ربط الظهور بالقيمة: أدوار النساء غير العلنية (مثل التعليم المنزلي) لم تُعتبر إنجازات تُوثق.
4. تأويلات دينية وسياسية مقصودة: تم استخدام نصوص دينية أو سياسية لتبرير التهميش.
5. نسيان متعمد أو جهل مكتسب: ضياع أسماء رائدة من الذاكرة الجمعية.
6. ارتباط البطولة بالقوة العسكرية: التاريخ ركّز على الحرب، فغفل عن النضال المدني والثقافي
المرأة العربية اليوم: واقع جديد رغم التحديات
على الرغم من وجود العديد من نساء غيرن مجرى التاريخ ولكن نسيت أسماؤهن، إلا أن نظال المرأة وحضورها حتى القرن الحادي والعشرون لا يزال متصاعدًا في كافة المجالات، لكن الطريق لا يزال محفوفًا بالعقبات.
نساء عربيات يحققن الإنجازات في 2024
-
منى ذو الفقار (مصر)
محامية وناشطة قانونية، لعبت دورًا رئيسيًا في تطوير قوانين تعزز حقوق المرأة في الشرق الأوسط. -
أسماء آل ثاني (قطر)
أول عربية تكمل تحدي "غراند سلام" بتسلق قمم العالم والقطبين، رمزٌ لكسر الحواجز الجغرافية والذهنية. -
كوثر بن هنية (تونس)
مخرجة سينمائية جسدت صورة المرأة العربية في أفلام حازت على ترشيحات الأوسكار. -
إيمان خليف (الجزائر)
ملاكمة تحدّت التنمر والتقليل، وحققت فضية أولمبياد باريس، رمز للتمرد على الصورة النمطية. -
نهى الحارثي (السعودية)
قيادية تقنية حصلت على جائزة المرأة العربية للعلوم، غيرت نظرة العالم للمرأة في الابتكار. -
سارة سمير (مصر)
بطلة رفع أثقال ألهمت الفتيات بدخول ميادين رياضية احتكرها الرجال.
التحديات مستمرة رغم الإنجازات
-
فجوة الأجور بين الجنسين التي لا تزال تفرض التفاوت.
-
ظاهرة التحرش والتمييز في بيئات العمل.
-
التقليل من قيمة الإبداع النسوي والتشكيك في إنجازاته.
-
وصف نجاحات المرأة بـ"الاستثناء"، وليس كأمر طبيعي.
ولأن نساء غيرن مجرى التاريخ ولكن نسيت أسماؤهن، فإن استعادة أسمائهن اليوم هو واجب أخلاقي ومعرفي، وصرخة ضد النسيان، ودعوة مفتوحة لإعادة كتابة التاريخ بكل أصواته.


تعليقات
إرسال تعليق
نحن نؤمن أن كل قارئٍ يحمل بداخله سؤالًا ينتظر الإجابة، وفضولًا يستحق الإشباع، وروحًا تستحق الرفق، ونحن هنا لننصت، نفهم، ونشارك، فلا تبخل علينا بصوتك.