يتساءل الكثيرون حول ما إذا كانت الحيوانات تعاني من أمراض نفسية؟
والاجابة، هي أن الصحة النفسية ليست مقتصرة على البشر فقط، بل تمتد لتشمل مملكة الحيوان، من الضروري أن نفهم ونقدّر هذه الظواهر، لأن الرفق بالحيوانات وفهم احتياجاتها النفسية يمكن أن يُسهم في تحسين حياتها بشكل كبير.
الأمراض النفسية لدى الحيوانات، تؤثر بشكل كبير على رفاهيتها وجودتها الحياتية، حيث تعاني الحيوانات من اضطرابات مشابهة لتلك التي تصيب البشر، مثل الاكتئاب والقلق، من الضروري أن نعترف بأن الكائنات الحية، مثل القطط والكلاب والطيور، تُظهر سلوكيات تعكس معاناتها النفسية، هذا الوعي يؤدي الى تقديم رعاية مناسبة تلبي احتياجاتها، مما يسهم في تحسين حياتها وتخفيف معاناتها.
اخترنا في هذه المقالة الحديث عن الأمراض النفسية التي تعاني منها الحيوانات.
الأمراض النفسية عند الحيوانات
الامراض النفسية عند الحيوانات، ظاهرة تستحق الدراسة، فالحيوانات يمكن أن تعاني من أمراض نفسية مشابهة لتلك التي تصيب البشر، مثل الاكتئاب والفوبيا والإحباط، وتظهر في سلوكيات الحيوانات بأشكال مختلفة، نذكر مثلا:
1. القطط وسلوكيات الوسواس القهري:
تُعاني القطط أحيانًا من الوسواس القهري، حيث تظهر سلوكيات مفرطة مثل الاستمالة المتكررة أو المشي بخطوات ثابتة، يعتقد أن هذه التصرفات تساعدها في إفراز مواد كيميائية مهدئة في الدماغ.
2. الكلاب والتوحد:
تُظهر الكلاب سلوكيات تُشبه أعراض التوحد لدى البشر، مثل مطاردة الذيل بشكل متكرر، الذي أثبتت الدراسات أنه سلوك قد يرتبط بالتوحد، كما أن الكلاب البوليسية قد تعاني من اضطراب ما بعد الصدمة، لتعرضها المفرط للصدمات والصراعات.
3. الطيور والاكتئاب:
تُظهر الطيور مثل الغربان والببغاوات علامات الاكتئاب والقلق، تخرج في شكل سلوكيات غريبة مثل نتف الريش، وهو ما يُشبه هوس نتف الشعر عند البشر، هذه الظاهرة تعكس المستوى العالي من التوتر النفسي.
4. إنسان الغاب والسلوكيات الإدمانية:
يعاني إنسان الغاب أحيانًا من الإدمان على سلوكيات معينة، مثل التدخين، تم رصد هذا السلوك في إحدى حدائق الحيوان، حيث خضع لإعادة تأهيل للتخلص من هذه العادة.
5. الحيوانات والقلق:
تُظهر الشمبانزيات سلوكيات قهرية، مثل ضرب أجسادهم والتأرجح ذهابًا وإيابًا، نتيجة العيش في الأسر، مثل هذه السلوكيات تشير إلى وجود قلق نفسي متزايد.
كذلك، الخيول التي تُحبس لفترات طويلة قد تعاني من الملل والقلق، مما يؤدي إلى سلوكيات غير طبيعية مثل مضغ الخشب أو الركل، كما يمكن أن تتعرض للإصابة بالتهاب السحايا، مما يؤدي بها إلى الاكتئاب.
6. الحيوانات والسلوكيات الاضطرابية:
بسبب الضغط النفسي، قد تظهر الفئران سلوكيات اضطرابية مثل الشراهة في الأكل، على عكس الخنازير التي تظهر تفاعلات نفسية حادة تؤدي إلى فقدان الشهية، وهو ما يُعرف بمتلازمة الرقيق.
7. اضطراب ما بعد الصدمة لدى الحيوانات الأسيرة:
تُعاني الحيوانات الأسيرة، مثل الأوركا والفيلة، من اضطراب ما بعد الصدمة نتيجة لأساليب التدريب القاسية، يظهر هذا الضغط النفسي في شكل سلوكيات عدوانية وعادات سيئة.
8. الانتحار عند الحيوانات:
بعض الحيوانات، مثل النسور والأفيال والدلافين، قد تُظهر سلوكيات انتحارية بسبب الضغوط النفسية، مما يثير تساؤلات حول مشاعرها وقدرتها على تحمل الألم النفسي.
كذلك، القوارض، تظهر سلوكًا يشبه الانتحار، حيث تندفع نحو المياه عندما تزداد أعدادها بشكل كبير.
9. السلوكيات النفسية الأخرى الغريبة لدى الحيوانات:
بعض الحيوانات قد تُظهر سلوكيات مؤذية وغير مفهومة، تعكس عمق المشكلات النفسية التي قد تعاني منها، مثل القطط التي تلعق جلدها حتى تزيله أو الفئران التي تفترس بعضها عند تعرضها للجوع.
أسباب الأمراض النفسية لدى الحيوانات
من المنطق، إذا كانت بعض انواع الحيوانات تمتلك قدرات معرفية متقدمة، بما في ذلك الشعور بالمشاعر، فمن الطبيعي أن تتعرض هذه الكائنات لاضطرابات سلوكية وأمراض عقلية.
أما الأسباب التي قد تؤدي إلى إصابة الحيوانات بأمراض نفسية فهي متعددة، وغالباً ما ترتبط بسلوكيات البشر تجاهها، تشمل هذه الأسباب:
- التعلق الزائد أو الإساءة يمكن أن يؤثر سلباً على الحالة النفسية للحيوانات.
- كما أن الملل والقلق والألم تعتبر من المحفزات الرئيسية للإصابة بالاضطرابات.
- الكلاب والقطط، على سبيل المثال، قد تصاب بالاكتئاب نتيجة للعزلة، إذ تحتاج هذه الحيوانات إلى التفاعل المستمر مع البشر لتشعر بالراحة.
- بعض الحيوانات، مثل القطط، يمكن أن تعاني من الفوبيا، حيث تظهر عليها علامات الهلع عند التعرض لأصوات عالية أو مؤثرات معينة، مثل صوت جرس المنزل أو المكنسة الكهربائية.
- من الأسباب كذلك، السعار وهو حالة تؤدي إلى إصابة الحيوانات بالجنون نتيجة تأثير الفيروس على مراكز المخ، مما يجعلهما عدوانيين تجاه أي كائن حولهم.
- الأسر من الأسباب الأساسية لاصابة الحيوانات بمرض نفسي، مثل الدببة والأسود، قد تعاني من اضطرابات نفسية بسبب الحرمان من بيئتها الطبيعية، كذلك الغوريلات تقوم بضرب رؤوسها على الأقفاص الزجاجية في حدائق الحيوان، نتيجة للضغوط النفسية.
-من المثير للجدل أيضا، أن الحيوانات الأكثر ذكاءً، مثل الثدييات والطيور، تكون أكثر عرضة للإصابة باضطرابات عقلية، حيث أن كلما كان الدماغ أكثر تعقيدًا، زادت فرص الإصابة بالأمراض العقلية.
تقييم الحالة النفسية للحيوان
يعتبر الطبيب البيطري كلود بياتا، مؤسس الكلية الأوروبية للطب البيطري السلوكي، أن الحيوانات ليست فقط كائنات حية، بل يمكن أن تعاني من اضطرابات عقلية مثل البشر، يتجلى هذا الاعتقاد في ضرورة إدراكنا أن الطب النفسي للحيوانات لا يزال في مراحل متقدمة من التطور، وأن عدم الاعتراف بمعاناة الحيوانات النفسية يعكس قصورًا في فهمها.
يمكن تقييم الحالة النفسية للحيوان من خلال عدة مؤشرات، منها:
- القياسات الفسيولوجية: مثل معدل ضربات القلب ومستويات الغلوكوكورتيكويد.
- القياسات السلوكية: تتضمن وضعية الجسم، وضعية الأذنين، وتوسع بؤبؤ العين.
ومع ذلك، قد يكون من الصعب فهم دلالات هذه القياسات بشكل دقيق، على سبيل المثال، يمكن أن تعكس زيادة معدل ضربات القلب إثارة ناتجة عن الخوف من الافتراس، أو قد تشير إلى توقع مكافأة، مما يُظهر أن الحالة النفسية تحمل قيمة مزدوجة.
لتقييم الحالة العقلية للحيوان أيضا، يعتمد الأطباء البيطريون على طرح أسئلة على المالك، من بين هذه الأسئلة:
- هل يبدو الحيوان مختلفًا عقليًا؟
- هل هو أكثر هدوءًا أو ينام أكثر من المعتاد؟
- هل يتفاعل بشكل طبيعي مع المحيط؟
- هل يتصرف بشكل صحيح؟
- هل يبدو مرتبكًا أو مشوشًا؟
من خلال هذه الأسئلة، يمكن الحصول على صورة أوضح عن الحالة النفسية للحيوان، مما يساعد في تقديم الرعاية المناسبة.
.webp)
تعليقات
إرسال تعليق
نحن نؤمن أن كل قارئٍ يحمل بداخله سؤالًا ينتظر الإجابة، وفضولًا يستحق الإشباع، وروحًا تستحق الرفق، ونحن هنا لننصت، نفهم، ونشارك، فلا تبخل علينا بصوتك.