يُعد المغرب من أقدم الدول ذات الامتداد الحضاري العريق في شمال إفريقيا. فقد مرّ عبر مراحل متعاقبة، من عصور ما قبل التاريخ إلى العصر الحديث، فشكّل فسيفساء فريدة من الثقافات والأحداث. في هذا المقال، نستعرض أبرز الأحداث في تاريخ المغرب القديم والحديث، ونتوقف عند أبرز المحطات التي أسهمت في تكوين هويته السياسية والثقافية.
 |
| أحد المعالم التاريخية التي تجسد أبرز الأحداث في تاريخ المغرب عبر العصور |
الحضارات القديمة في المغرب
المغرب كان موطنًا للعديد من الحضارات العريقة التي تعاقبت عليه عبر العصور، هذه الحضارات تبدأ من الأشولينية، منذ نحو مليون سنة، وهي من أقدم حضارات الإنسان في شمال إفريقيا، إلى العاتيرية، التي امتدت نحو 20 ألف سنة ق.م، وتميزت بتطور أدوات الصيد والتجمعات البشرية، وصولا إلى الحضارة القبصية، التي ظهرت بين 8000 و2700 قبل الميلاد.
العصر الحجري الحديث في المغرب
خلال هذا العصر، بدأ الصيادين والرعاة بالاستيطان في المغرب، وازدهرت ثقافة الصيد والرعي حتى بدأت المنطقة تشهد تغييرات مناخية، جفاف شديد بعد 5000 سنة قبل الميلاد.
تاريخ المغرب قبل الإسلام
قبل دخول الإسلام، تعاقبت على المغرب عدة حضارات:
خلال هذه المرحلة، ظل الأمازيغ يشكّلون العمود الفقري للمجتمع، رغم محاولات السيطرة الخارجية.
الفتح الإسلامي وتأسيس الدول المستقلة
في القرن الأول هجري (الثامن ميلادي)، بدأ الفتح الإسلامي للمغرب وشمال أفريقيا تحت حكم الخلافة الأموية، وبعد استقلال المغرب عن الأموية، بدأ التحول الجذري في بنية المغرب السياسية والدينية.
الدولة الإدريسية (788م - 974م):
أسسها إدريس بن عبد الله المحض، الذي استقر في وليلي، وتُعد أول دولة إسلامية مستقلة في المغرب. اعتمدت الدولة الإدريسية على دعم قبائل الأمازيغ، وبدأت في تعريب السكان تدريجياً.
الدولة المرابطية:
ظهرت في القرن الحادي عشر الميلادي، في مراكش وفاس، سعت إلى فرض السيطرة على المغرب والأندلس، ومع مرور الوقت، وحدوا المغرب والأندلس تحت سلطة واحدة، وجعلوا مراكش عاصمة للدولة.
الدولة الموحدية:
هي سلالة بربرية من الأطلس الكبير، بدأت في بداية القرن 12م بقيادة المهدي بن تومرت، وبلغت أوجها في عهد يعقوب المنصور، الفائز في معركة الأركوس عام 1195م ضد البرتغاليين والإسبان، وامتدت من ليبيا حتى الأندلس.
الدولة المرينية والسعدية والعلوية:
- الدولة المرينية: بدأت في عام 1269م بعد الإطاحة بدولة الموحدين، اختارت السلالة المرينية فاس كعاصمة.
- الدولة السعدية: نشأت من مناطق درعة، ابتداءً من عام 1578م وأصبحت قوة عسكرية وسياسية، تمكنت من دخول مراكش وفاس وتحقيق انتصارات هامة، منها "معركة الثلاثة ملوك" ضد البرتغاليين في وادي المخازن.
- الدولة العلوية: العائلة المالكة الحالية في المغرب، أسسها شريف بن علي أمير تافيلالت، من ذرية الإمام علي، عام 1631م، ويُعد الملك محمد السادس الوريث الحالي لهذه السلالة.
الاستعمار الأوروبي وتاريخ المغرب الحديث
فترة الحماية الفرنسية والإسبانية (1912 - 1956):
في القرن التاسع عشر، حدثت تحولات كبيرة في نظرة القوى الأوروبية إلى المغرب، حيث أن في عام 1830م، بدأت فرنسا في اعتبار المغرب موقعاً استراتيجياً، مما أدى إلى تصاعد التوترات بين البلدين، وفي 1844م، اندلعت الحرب الفرنسية المغربية بعد غزو فرنسا للجزائر، مما أسفر عن قصف مدينتي طنجة والصويرة، كما خاض المغرب حرباً مع إسبانيا بين 1859-1860م، مما ألزمه باقتراض مبالغ ضخمة لسداد ديونه للإسبان.
تواصلت الغزوات الفرنسية على المغرب، ومع بداية القرن العشرين، تحديداً في 1907م، استغلت فرنسا حادثة اغتيال أميل موشوم الطبيب الفرنسي، الذي اغتيل في مراكش كذريعة لغزو وجدة، وفي 1912م، تم توقيع معاهدة فاس، من طرف السلطان عبد الحفيظ، التي فُرضت الحماية الفرنسية على أغلب أراضي المغرب، في حين احتلت إسبانيا أجزاء من الشمال والجنوب.
استقلال المغرب وتأسيس الدولة المعاصرة
كانت فترة حكم الملك محمد الخامس في 1927م، بداية مرحلة جديدة في تاريخ المغرب، حيث في 11 يناير 1944م، تم تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، فضلا عن إقامة حكومة دستورية ديمقراطية تضمن حقوق جميع فئات المجتمع، تلاها خطاب طنجة في 9 أبريل 1947م، الذي دعا فيه محمد الخامس إلى استقلال البلاد، حتى 2 مارس 1956م، اعترفت فرنسا باستقلال المغرب، وتبعتها إسبانيا بتوقيع اتفاقيات لاسترجاع الأراضي المغربية في 7 أبريل 1956م.
أبرز الأحداث في تاريخ المغرب بعد الاستقلال
شهد المغرب المعاصر مجموعة من المحطات المهمة التي شكّلت امتدادًا طبيعيًا لتاريخه العريق. ومن بين أبرز الأحداث في تاريخ المغرب بعد الاستقلال:
-
بناء مؤسسات الدولة الحديثة
-
المسيرة الخضراء عام 1975 لاسترجاع الصحراء
-
الإصلاحات السياسية في عهد محمد السادس
أهم المآثر التاريخية في المغرب:
المغرب أصبح وجهة سياحية يقصدها ملايين السياح بفضل معالمه التاريخية والطبيعية المميزة:
صومعة حسان: تقع في الرباط، بنيت في عصر دولة الموحدين بناءً على أمر يعقوب المنصور سنة 593هـ (1198/1197م).
 |
| صومعة حسان بالمغرب |
جامع القرويين: بني في فاس عام 245هـ (859م) من قبل فاطمة الفهرية وسمي نسبة إلى القيروان.
 |
| جامع القرويين بالمغرب |
جامع الكتبية: بني في عام 1150م، ارتفاعه 65 مترًا، ويعد من المعالم الدينية البارزة في المغرب.
معهد ومسجد علي بن يوسف: من أقدم المدارس في شمال إفريقيا لتعليم تجويد القرآن الكريم، تم ترميمه وافتتاحه كمعلم سياحي.
 |
| معهد ومسجد علي بن يوسف بالمغرب |
باب المريسة: بني في سلا من قبل السلطان المريني أبو يوسف يعقوب بن عبد الحق في سنتي 655هـ و668هـ (1270م و1280م).
 |
| باب المريسة بالمغرب |
مسجد حسن الثاني: يقع في الدار البيضاء، أكبر مسجد في المغرب وسابع أكبر مسجد في العالم.
باب المنصور لعلج: يقع في مكناس، أسسه المولى إسماعيل وأتم بناءه ابنه مولاي عبد الله حوالي 1732م، يتميز بفتحة علوها 8 أمتار وزخرفته الخلابة.
إن استعراض أبرز الأحداث في تاريخ المغرب القديم والحديث، يبيّن بوضوح مدى عمق الحضارة المغربية وتنوع التأثيرات التي شكلت هويتها عبر العصور. فمن العصور الحجرية إلى الفتح الإسلامي، ومن الدول الإسلامية الكبرى إلى فترات الاستعمار ثم الاستقلال، ظل المغرب حاضنًا لمراحل حاسمة في تاريخ المنطقة. ولا شك أن فهم أهم الأحداث التاريخية في المغرب يساعد على إدراك مكانته الاستراتيجية والحضارية في العالمين العربي والإفريقي، ويبرز دوره المستمر في بناء مستقبل يستند إلى جذور قوية وتاريخ مشرف.
تعليقات
إرسال تعليق
نحن نؤمن أن كل قارئٍ يحمل بداخله سؤالًا ينتظر الإجابة، وفضولًا يستحق الإشباع، وروحًا تستحق الرفق، ونحن هنا لننصت، نفهم، ونشارك، فلا تبخل علينا بصوتك.