لطالما سعى العلماء لفهم نشأة الكون وأصوله، وهو أحد أكثر المواضيع التي أثارت فضول البشرية عبر العصور. تطورت العديد من النظريات العلمية حول هذه المسألة، لكن اثنتين منها برزتا بشكل خاص: نظرية الانفجار العظيم التي طرحها العالم البلجيكي جورج لوميتر، ونظرية الحالة الثابتة التي دافع عنها الفلكي البريطاني فريد هويل. في هذا المقال، سنناقش هاتين النظريتين، ونستعرض الأدلة العلمية التي ترجح إحداهما على الأخرى.
ما هي نظرية الانفجار العظيم؟
بعد الحرب العالمية الثانية، أجرت إذاعة بريطانية مقابلة مع عالم الفلك البريطاني فريد هويل، الذي تحدث خلالها عن بداية الكون. وأثناء حديثه، تناول نظرية الكاهن الكاثوليكي والعالم البلجيكي جورج لوميتر بنبرة تهكمية، مشيرًا إليها بعبارة "فكرة هذا الانفجار العظيم". لكن الرد المفاجئ جاء من لوميتر نفسه، حيث اعتمد هذا المصطلح وسمى نظريته "الانفجار العظيم". فما هي نظرية الانفجار العظيم؟
تُعتبر نظرية الانفجار العظيم التفسير الأكثر قبولًا لبداية الكون. وفقًا لهذه النظرية، قبل حوالي 13.8 مليار سنة، كان الكون عبارة عن نقطة متناهية الصغر، شديدة الكثافة والحرارة، تُعرف باسم "المتفردة الكونية". ثم وقع انفجار هائل أدى إلى تمدد الكون وتشكيل المادة والطاقة كما نعرفها اليوم. هذا التمدد لا يزال مستمرًا، حيث تبتعد المجرات عن بعضها البعض.
![]() |
| نشأة الكون من المتفردة إلى التمدد الكوني المستمر |
أبرز الأدلة على نظرية الانفجار العظيم:
- الخلفية الإشعاعية الكونية: في عام 1964، اكتشف العلماء إشعاعًا كونيًا يعود إلى المراحل الأولى من نشأة الكون، مما يؤكد صحة النظرية.
- تمدد الكون: أظهر الفلكي إدوين هابل أن المجرات تتحرك بعيدًا عن بعضها، مما يشير إلى أن الكون كان أصغر حجمًا في الماضي.
- نسب العناصر الكيميائية: تتوافق النسب الأولية للهيدروجين والهيليوم في الكون مع التوقعات النظرية للانفجار العظيم.
![]() |
| نموذج تصويري لتباعد المجرات بعد الانفجار العظيم |
نظرية الحالة الثابتة: البديل الذي لم يصمد
نظرية الحالة الثابتة، المعروفة أيضًا باسم نظرية الخلق المستمر، هي نظرية قدمها العالم البريطاني فريد هويل عام 1949. والتي تفترض أن الكون في حالة تمدد دائم، لكنه يظل متجانسًا في كل الأزمنة، حيث تُخلق المادة باستمرار للحفاظ على كثافة ثابتة للكون. وفقًا لهذه النظرية، لم يكن هناك بداية محددة للكون، بل هو موجود منذ الأزل.
لماذا فقدت هذه النظرية زخمها؟
- لم تستطع تفسير الخلفية الإشعاعية الكونية المكتشفة عام 1964.
- فشلت في تفسير كيفية تشكل العناصر الأولية مثل الهيدروجين والهيليوم.
- لم تقدم أدلة كافية لدعم فرضية خلق المادة المستمر.
بسبب هذه المشكلات، تخلّى معظم العلماء عن هذه النظرية لصالح نظرية الانفجار العظيم.
أي النظريتين يعتمدها العلم اليوم؟
بعد عقود من البحث، تعتبر نظرية الانفجار العظيم التفسير الأكثر قبولًا لبداية الكون. وقد دعمتها العديد من الاكتشافات العلمية، مما جعلها الأساس الذي يعتمد عليه العلماء لفهم نشأة الكون وتطوره.
ومع ذلك، لا يزال العلم مستمر في استكشاف المزيد، فهل يمكن أن تكشف الأبحاث القادمة حقائق جديدة قد تغير فهمنا الحالي؟
شاركنا رأيك!
هل تعتقد أن نظرية الانفجار العظيم تفسر نشأة الكون بشكل كامل؟ أم أن هناك احتمالًا لوجود نظريات جديدة؟ شاركنا أفكارك في التعليقات! ولا تنسَ متابعة موقعنا للاطلاع على المزيد من المقالات العلمية الممتعة.


احسنت النشر
ردحذفأشكرك على دعمك لي
حذف