يواجه الكثيرون خيانة أقرب الناس إليهم، مما يسبب لهم صدمة عاطفية وألمًا نفسيًا. ولكن لماذا يحدث ذلك؟ هل يمكن التنبؤ بالخيانة وتجنبها؟ في هذا المقال، نستعرض الأسباب الحقيقية وراء الخيانة، وكيف يمكننا حماية أنفسنا منها دون فقدان الثقة تمامًا في الآخرين.
خاطرة ذئاب هي البشر
![]() |
| ذئاب هي البشر |
كلما كبرت في العمر؛
كلما اكتشفت الواقع المر؛
هنا الوضع لا يسر؛
قلوب أقسى من الحجر ؛
ذئاب هي البشر..
كنت أعيش معهم بحسن نية؛
أحميهم من كل أذى وأتحمل أنا الأذية؛
وأحكي لهم كيف كانت أمي توصيني أن لا أثق في البشرية؛
وتقول يإبنتي إن حبهم مسرحية؛
ما إن يصلوا إلى مبتغاهم يتحولوا إلى حية؛
كلامهم كالسم القاتل لا تستطيعين تحمله ولا نسيه؛
يإبنتي لا تثقين في إنسي؛
ولا تعط قلبك سوى للذي خلقك ثم جعلك صبية؛
يإبنتي احذري أن تقع في الفخ ثم لا تستطيعين مضي؛
وأحكي لهم كيف أجبتها بابتسامة على شفتي؛
يا أمي لا تبالغين فلا يخيب من له حسن نية؛
وقلوب البشر ليست متشابهة وأفكارهم ليست سوية؛
وما إن انتهيت من حكايتي التفت حوالي؛
فرأيت من كانوا بجانبي تحولت مناظرهم كالحية؛
ظننت أني ظللت الطريق لكنهم أجابوا وكانوا قد عرفوا ما يدور في خاطري من عيني؛
لم تظلي الطريق لكن انتهت المسرحية؛
نعم، لقد وقعت في الفخ يا أمي وكنت أنا الضحية؛
كنت أحكي لهم ما يؤلمني لتتوقف الآلام؛
لكني الآن توقفت عن الكلام؛
لقد زرعوا سكاكين في الظهر؛
ذئاب هي البشر..
بقلم سيرين عبيدي
1. اكتشاف الواقع
مع تقدمنا في العمر، نزداد خبرة ومعرفة، فتغدو رؤيتنا للأشياء أكثر وضوحاً. نصبح قادرين على التمييز بين الضحكة الصادقة النابعة من القلب، وتلك التي تخفي خلفها الحسد والغيرة. ندرك الفرق بين المزاح العفوي والنية المقصودة. نكبر ونفهم أن أفضل صديقة هي أختك، وأقوى سند هو أخوك، ومن يتمنى لك الخير بصدق هي أمك، ومن يريدك أن تكون أفضل منه هو والدك. ومهما جبت العالم، ستظل غريباً عنه، وسيحتضنك وطنك.
2. حكمة الأم
الأم تمتلك ما يشبه الحاسة السادسة عندما يتعلق الأمر بأبنائها، فهي تستطيع أن تشعر بالخطر الذي قد يقترب منهم قبل أن يحدث. لذلك، إذا حذرتك من أمرٍ ما أو شخصٍ معين وقالت إنها لا تشعر بالارتياح تجاهه أو تشك أنه لن يكون مناسبًا لك، فمن الأفضل أن تبتعد دون التساؤل عن السبب.
3. حسن النية مع البشر
ليس من الحكمة أن تتعامل مع الناس بحسن نية مطلق، صحيح أن من يتوقع الخير غالبًا ما يجده، لكن توقع الأذى أحيانًا قد يقيك من الصدمات.
4. الانكسار لحظة اكتشاف خيانة أقرب الناس إلينا
عندما ننكسر، يصرخ كل ما بداخلنا بصوت عالٍ، أما نحن فنصمت.
5. الصور الأدبية في الخاطرة
استخدمت في الخاطرة صورًا قوية مثل "سكاكين في الظهر" و"المسرحية"، مما يعزز من قوة المشاعر في النص. هذه الصور تساعد في تجسيد الألم والمعاناة وتجعل القارئ يشعر بعمق التجربة.
متى تتحجر القلوب؟
يخاطب الله تعالى بني إسرائيل في سورة البقرة بقوله: "يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين". عند قراءة هذه الآية، يتبادر إلى ذهن القارئ تساؤل: ما هي النعم التي فضل الله بها بني إسرائيل؟ أن يفضلك الله على العالمين هو نعمة عظيمة بحد ذاتها، ولكن الآيات التي تليها توضح المزيد من نعم الله عليهم.
يقول الله سبحانه وتعالى: "وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب.."، وفي آية أخرى: "وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم..". أليست هذه نعمًا عظيمة؟ أن ينجيك الله من البلاء والعذاب ويصرف عنك الشر هو منتهى الرحمة. ومع كل هذه النعم، تتوقع أن يقابلها بني إسرائيل بشكر وعبادة خالصة لله. ولكن، تقرأ بعدها: "وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون". كيف يمكن أن يشركوا بالله بعد أن أنجاهم من فرعون؟ أي جحود هذا؟
قد تتوقع أن الله سيعاقبهم عقابًا شديدًا، لكن تأتي الآية التالية: "ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون". نعم، عفا الله عنهم! بل لم يتوقف الأمر عند ذلك، فقد قال الله تعالى: "وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون". في الآية الموالية "يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم".
يعني أن الله عفا عنهم وأنزل عليهم الهدى ليهتدوا وتاب عليهم، ورغم ذلك لم يلينوا. بل قالوا لموسى: "لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون". ما كل هذه القسوة والجحود؟ أيعقل أن لا يؤمنوا بعد كل هذه النعم، قد تظن أن أمرهم انتهى، لكن تتواصل نعمة الله عليهم: "ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون"، ويظلهم بالغمام وينزل عليهم المن والسلوى، ويفجر لهم العيون من الحجر، ونعمة وراء نعمة، نعمة وراء نعمة.
ثم تأتي اللحظة التي يطلب الله منهم فيها أمرًا بسيطًا: "إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة"، فتبدأ المماطلة والسؤال والعناد. وبعد أخذ ورد، يذبحونها بالكاد، بعد جهد، كما قال تعالى: "فذبحوها وما كادوا يفعلون". ورغم كل هذه النعم، كانوا لا يزالون يعصون. حتى قال الله فيهم: "ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة".
رغم كل هذه النعم التي أغدقت عليكم، وكل تلك المعاصي والجحود الذي قابلتموها به، لم يعد هناك ما يمكن فعله، فقد تحجرت قلوبكم وأصبحت عصية على التأثر بأي شيء.
لماذا يخوننا أقرب الناس؟
عندما تفضل شخص وترفعه فوق مكانته الحقيقية وتضعه في موضع لا يستحقه، ستلاحظ مع مرور الوقت أن قلبه بات قاسيًا تجاهك. لماذا؟ لأنه اطمأن لمكانته لديك، وأيقن أنك مهما حدث لن تتخلى عنه. فعندما فضل الله بني إسرائيل، توالت معاصيهم واحدة تلو الأخرى، اعتادت قلوبهم المعصية وأصبحوا غير مبالين، فالله سيعفو، سيغفر كما في كل مرة، حتى قست قلوبهم وغابت عنها الرحمة والخشية.
مسامحة الله لهم في كل مرة، ونعمُه المستمرة عليهم، كانت سببًا في قسوة قلوبهم أكثر فأكثر. عندما تسامح شخصًا مرارًا وتكرارًا، تجد أنه مع كل مرة يزداد قسوة واستهتارًا بالخطيئة، لأنه يعلم أنك ستسامحه دائمًا. بل وقد يصل به الحال إلى أن يغضب منك في اليوم الذي تقرر فيه أنك لم تعد مستعدًا للتسامح. الأمر يشبه أن تغمر شخصًا ببحر من الخيرات، فيتحول إلى شخص لا يشبع، يطالب بالمزيد والمزيد، دون أن يرد الجميل. يطلب الدعم ولا يقدمه، يتوق للحب ولا يمنحه، ينتظر منك التضحية ولكنه يبخل بها عندما يحين دوره. وكلما أحسنت إليه، اعتبر ذلك حقًا مكتسبًا يطالب به لاحقًا، دون أن يعطي حتى أبسط الأشياء.
الإفراط في المعاصي والإساءات والتعود على الخطيئة والجحود يقتل إحساس الإنسان بالذنب، فتتبلد مشاعره وتتلاشى تأنيبات ضميره التي كانت في البداية. حينها، يصبح القلب قاسيًا كالحجارة، بل أشد قسوة، لأن الحجارة قد تتشقق من خشية الله، وقد ينبع منها الخير الذي ينفع الناس، أما القلوب القاسية فلا تخرج منها إلا المضرة. إنها قلوب لا تخشى شيئًا، حتى خالقها. قسوة القلب تجعل الإنسان أشبه بالذئب؛ دائم الهجوم حتى على أقرب الناس إليه، لا يخاف ولا يتراجع، غير مكترث بالأذى الذي يلحقه، حتى أمام من خلقه.
كيف تحمي نفسك من خيانة الأصديقاء والأقارب؟
ليس الحل في فقدان الثقة بالناس تمامًا، بل في إيجاد التوازن بين حسن الظن والحذر.
✅ لا تمنح ثقتك بسهولة: اجعل ثقتك بالأفعال لا بالكلمات.
✅ راقب تصرفات الآخرين: بعض الإشارات قد تكشف نوايا غير صادقة.
✅ حافظ على حدودك: لا تشارك أسرارك العميقة مع الجميع، فليس كل من يبتسم لك صديقًا حقيقيًا.
✅ تعلم من التجارب السابقة: لا تقع في نفس الفخ مرتين.
✅ لا تمنح ثقتك بسهولة: اجعل ثقتك بالأفعال لا بالكلمات.
✅ راقب تصرفات الآخرين: بعض الإشارات قد تكشف نوايا غير صادقة.
✅ حافظ على حدودك: لا تشارك أسرارك العميقة مع الجميع، فليس كل من يبتسم لك صديقًا حقيقيًا.
✅ تعلم من التجارب السابقة: لا تقع في نفس الفخ مرتين.
في النهاية، كثير من الناس يرتدون أقنعة حتى يأتي اليوم الذي يسقطونها فيه. عندما تحدث الخيانة، قد نشعر بالندم لأننا لم نستمع لنصائح من كانوا يحذروننا. لكن بدلاً من الانكسار، يمكننا أن نتعلم من التجربة، لنكون أكثر حكمة وذكاءً في المستقبل. فالعلاقات الحقيقية ليست تلك التي تدوم طويلاً فقط، بل التي تُبنى على الصدق والوفاء.
هل مررت بتجربة خيانة من شخص قريب؟ شارك قصتك في التعليقات، ودعنا نناقش كيف يمكن التعامل مع مثل هذه المواقف!
%20(1).webp)
تعليقات
إرسال تعليق
نحن نؤمن أن كل قارئٍ يحمل بداخله سؤالًا ينتظر الإجابة، وفضولًا يستحق الإشباع، وروحًا تستحق الرفق، ونحن هنا لننصت، نفهم، ونشارك، فلا تبخل علينا بصوتك.